حقّق قطاع التجارة الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان قفزة نوعية في الأشهر الـ 18 الماضية. ولم يكن ذلك بمثابة تحوّل مؤقت نتيجة لتداعيات جائحة فيروس كورونا. في الواقع، منذ منتصف عام 2021، عقب رفع إجراءات الإغلاق والقيود المفروضة على الحركة، كان 95% من العملاء يتسوّقون عبر المنصات الإلكترونية، في حين أن ثلثهم كان يقوم بذلك بشكل منتظم.
ولكن بعد التطورات الملموسة خلال السنوات القليلة الماضية، ما هو الوضع الراهن لقطاع التجارة الرقمية؟ الإجابة المختصرة على هذا السؤال هي أنها تسجّل قفزات كبيرة في مسار التحوّل وبوتيرة متسارعة. ولمعرفة المزيد، تحدثّنا إلى أربعة خبراء متخصّصين في مجالات التجارة والتكنولوجيا المالية والمدفوعات، للوقوف على آرائهم ورؤيتهم في هذا الصدد.
عام 2021، كان هناك توجهاً سريعاً بين أوساط العملاء نحو اعتماد خدمات "اشتر الآن وادفع لاحقاً"، والذي جاء مدفوعاً بشركات التكنولوجيا المالية الرائدة، مثل شركة Tamara السعودية. وقد أشارت بياناتنا أن 25% من العملاء قد استخدموا هذه الفئة من الحلول خلال العام الماضي.
وخلال 2022، يبدو أننا سنشهد توسعاً مستمراً في اعتماد خدمة "اشتر الآن وادفع لاحقاً". وفي هذا الصدد، يقول محمد يوسف، المدير الإقليمي لدى Checkout.com: تشير دراستنا البحثية أن نحو نصف العملاء سيعتمدون استخدام حلول "اشتر الآن وادفع لاحقاً" بنهاية العام.
أما أرجون سينغ، مدير الخدمات المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان لدى الشركة الاستشارية Arthur D Little، فيبدو متفائلاً هو الآخر بهذا الشأن. فقد قال: "برأيي، سيكون 2022 عام انتشار استخدام حلول "اشتر الآن وادفع لاحقاً" في المنطقة. وسوف نشهد نمواً مستمراً في أعداد العملاء الذين يستخدمونها، ناهيك عن الحلول المبتكَرة التي يقدّمها مزوّدو مثل هذه الخدمات كما هو الحال في أوروبا".
قد تشهد السوق إقبالاً كبيراً ومتزايداً، إذ يضيف سينغ قائلاً: "توفر خدمات "اشتر الآن وادفع لاحقاً" آفاقاً جديدة للنمو، حيث نرى زيادة في أعداد الشركات التي تدخل في هذا القطاع. وسيكون مثيراً للاهتمام أن نرى كيف تتجاوب المصارف مع هذا التوجه الجديد، لا سيّما وأنها لم تتخذ بعد أية خطوة في هذا الصدد. ولكنني أتوقع أنها لن تتوقف كثيراً وحتماً ستتخذ خطوات عملية قريباً".
وأضاف سينغ: "وهنا ستبرز تساؤلات حول القوانين واللوائح التنظيمية. فهناك احتمالية كبيرة أن تنخرط الجهات التنظيمية في قطاع حلول "اشتر الآن وادفع لاحقاً" للتأكد من توفير الحماية اللازمة للعملاء. وأنا أتوقع اعتماد منهجية متوازنة من أجل توفير مستويات عالية من الحماية وإتاحة الفرصة أمام هذا القطاع للتوسّع والنمو".
تُعد خدمات "اشتر الآن وادفع لاحقاً" من بين المجالات التي يجب على التجّار تقديمها واعتمادها لمواكبة توقعات العملاء المتطوّرة باستمرار في المنطقة. ووفقاً للسيّدة ريم الحربي، المديرة العامة لدى Checkout.com في السعودية, ، فإن الشركات لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي، إذ يجب أن تواصل الابتكار والتطوير لتقديم أفضل تجربة لعملائها.
وتضيف الحربي في هذا الصدد: "برأيي، سترسم توقعات العملاء المرتفعة ملامح توجهات عام 2022، إذ يريد العملاء تجربة تسوّق سلسة تتماشى مع خيارتهم الشخصية. هذا بالإضافة إلى متطلباتهم بخصوص تقديم مستويات عالية من الحماية والأمان أثناء تسوّقهم عبر الإنترنت، في ضوء زيادة معدلات عمليات الاحتيال في المنطقة".
وأشارت الحربي إلى إن تحقيق التوازن بين تقديم تجربة تسوّق سلسة وتوفير مستويات عالية من الأمان سيكون عاملاً حيوياً وداعماً للشركات التي تتطلع إلى تحقيق النمو خلال العام الحالي. وأضافت قائلة: "يجب على الشركات أن تضمن استخدام أفضل وأحدث حلول الدفع التكنولوجية المتاحة، كما يجب على شركائها من مزوّدي حلول الدفع توجيهها ودعمها على أكمل وجه بمساعدة خبرائها".
ستظل المنطقة زاخرة بالتحديات والصعوبات. ورغم التطورات والتقدم الذي تم إحرازه خلال السنوات الأخيرة، لا تزال المعوقات، مثل البنية التحتية لقطاع المدفوعات غير المتكاملة والآليات التنظيمية القديمة تشكل تحدياً أمام قدرة التجّار على توسيع نطاق نموّهم في المنطقة.
ويؤكد نمير خان، رئيس مجلس إدارة MENA FinTech Associationا، أن هذا يُعد بمثابة تحدّي داخلي وخارجي أمام الشركات. وأضاف قائلاً: "يتمثل التحدي الداخلي في مدى سرعة الشركات في تحقيق النمو والتوسّع. فالأمر يتعلق بالتأقلم مع مشهد متغيّر باستمرار، والمشهد في منطقتنا في بعض الأحيان يتغير بوتيرة متسارعة، لا سيّما فيما يخص الآليات التنظيمية".
وأضاف قائلاً: "أما التحدي الخارجي فهو رفع سقف المنافَسة، فنحن نشهد زيادة مستمرة في الشركات الدولية المنافِسة في السوق المحلية، ناهيك عن مجتمع الشركات المحلية المتنامي. هذا بالإضافة إلى زيادة أعداد مؤسسي وروّاد الأعمال، فالسمة الغالبة في المشهد التنافسي هنا تكمن في القدرة على التوسع وتحقيق النمو".
ولعل أحد أبرز الحلول القادرة على معالجة هذه التحديات هو التعاون مع شركاء مناسبين. ويقول خان في هذا الصدد: "إن بناء علاقات قوية يُعد ركيزةً أساسيةً في تعزيز قدرة الشركات على الاستفادة من فرص النمو. ولا شك أن التعاون مع الشريك المناسب، الذي يتمتع برؤية شاملة حول احتياجات أعمالك، سيكون خطوة إيجابية لتطوير حلول قادرة على تحويل التحديات الفريدة في المنطقة إلى فرص واعدة".
ويقول يوسف: "أتوقع أن يكون قطاع التجارة الإلكترونية خلال عام 2022 حافلاً بالمقومات الإيجابية، وسوف يواصل تسجيل معدلات نمو رائعة".
تعزيز هذا النمو سيدعم الشركات من مختلف الأحجام.
ويضيف يوسف: "ستواصل شركات التجزئة الصغيرة بحث السُبل الممكنة لإيجاد آليات فعّالة من في إدارة التكاليف عبر قنوات التجارة الإلكترونية المباشرة مع العملاء، وخاصةً بالمقارنة مع إدارة سلاسل المتاجر التقليدية. وفي الوقت ذاته، ستدرك كبرى شركات التجزئة أن وتيرة طلب العملاء ستستمر في النمو، مما سيدفعها نحو الاستثمار في تطوير خدماتها في منصّات التجارة الإلكترونية مع تقديم المزيد من الحلول المبتكَرة، مثل التجارة عبر قنوات التواصل الاجتماعي وغيرها من نماذج التسوّق المتنوعة".
ويتفق خان مع هذه التوقعات، قائلاً: "لقد شهدنا نمواً ملحوظاً في التجارة الإلكترونية عبر المنطقة، ولكن لا يزال أمامنا الكثير من النمو والازدهار. فهناك إمكانات واعدة، وأنا متحمّس لرؤية ما سيحدث خلال العام 2022.
اكتشف كيف أصبحت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وﺒﺎﻛﺴﺘﺎن سوقاً رائدة في قطاع المدفوعات الرقمية.
.webp){kind=avatar}
James is Checkout.com's Senior Content Marketing Manager, writing about all things to do with digital payments and the digital economy. James was previously the Senior Content Manager at Tradeshift and also headed up the Global Editorial Team at Treasury Today and Treasury Today Asia.
.svg){kind=icon}
